حقيقة المعركة
يقول الله سبحانه وتعالى "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"..
آية عظيمة مبهرة!!
يا أخواني وأحبابي: إن كل ما ذكرناه من جرائم ومكائد ومؤامرات وتزوير وتشويه وخيانات وعمالات ونفاق وكذب - كل هذا - يدخل تحت كلمة "ويمكرون".. لكن انظر إلى الجانب الآخر من المقابلة: "ويمكر الله والله خير الماكرين"
فالله عز وجل يقابل مكرهم بمكره.. "وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون"
أيها المسلمون:
إن كان أصابكم شئ من الإحباط فلكونكم لم تفهموا المعركة على حقيقتها، ولم تدركوا الصدام بكامل أبعاده.. إنها ليست حرباً بين المسلمين والكافرين، وإن كان ظاهرها كذلك.. إنما هي في حقيقتها حرب بين الله وبين من مرق عن طريقه، وكفر بعبادته، وارتضى غيره حكماً ، وقبل غير كتابه شرعاً.. هي حرب بين الله، وبين طرف صغير حقير من مخلوقاته سبحانه.. لكن الله من رحمته بالمؤمنين، ومن كرمه عليهم، منّ عليهم بأن جعلهم جنده وحزبه وأولياءه.. فالمؤمنون يقفون أمام الكافرين، ملتزمين بمنهج ربهم في وقوفهم، كما أمرهم يفعلون، لا يترددون ولا يفرون، واثقين بوعده، راغبين في جنته، راهبين لناره، مخلصين له، معتمدين عليه، لاجئين إليه.. إن فعلوا ذلك كان هو ـ سبحانه جلت قدرته وتعاظمت أسماءه ـ كان المدافع عنهم، الحامي لهم، المؤيد لقوتهم، الناصر لجيشهم، الناشر لفكرتهم، المنتقم من عدوهم.. واسمعوا وأنصتوا أيها المسلمون لقوله سبحانه وتعالى حتى تفهموا حقيقة المعركة:
" فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"
"إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً"..
" ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون، فأنظر كيف كان عاقبة مكرهم، أنّا دمرناهم وقومهم أجمعين"..
أيها المسلمون المعتزون بإسلامهم:
هل تعلمون لمن تعملون؟! وإلى أي ركن تأوون؟!
إنكم تعملون لله وتأوون إلي ركن شديد سبحانه!!..
هل إذا جلس المتآمرون في جنح الظلام يدبرون ويخططون ، أهم بعيدون عن عينه سبحانه؟ " يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل، فتكن في صخرة أو في السماوات أو الأرض ، يأتي بها الله ، إن الله لطيف خبير"
هل إذا أطلق المتآمرون صاروخاً أو رصاصة ، أتسقط بغير علمه سبحانه؟!.. إذا كان يعلم بسقوط أوراق الشجر عبر الزمان والمكان، فكيف بسقوط الصواريخ؟!.. اقرأ هذه الآيات وتدبرها بعناية: "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار، ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى، ثم إليه مرجعكم، ثم ينبأكم بما كنتم تعملون، وهو القاهر فوق عباده، ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون، ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق، ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ، قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية، لئن أنجانا من هذه لنكو نن من الشاكرين، قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ، ثم أنتم تشركون، قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون، وكذب به قومك وهو الحق، قل لست عليكم بوكيل ، لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون"..